ما الذي ينتظره التونسيون من الانتخابات
القادمة؟
كل شعب من الشعوب المضطهدة والتي لا تملك
قرارها ولا اختيارها تتوق في أول فرصة للتغيير أن تجد الأفضل وليس أن تستنسخ سيدا
لها يستعبدها كالعادة وهذا في المنطق وليس في أمر الشعوب العربية التي كُتب عليها
أن تكون مستعبدة من الداخل والخارج.
فإذا نظرنا لما يجري اليوم في تونس لا نجد
إلا أحزابا مُسيرة لا تملك قرارها لأن زعامتها نُصبت من الغرب وليس من طرف أبناء
وطننا .
عادة عندما يظهر زعيما في أي أمة ينساقوا
الناس وراءه لمُجمل أفكاره التي يجب أن تكون أساسا للتغيير إلى الأفضل فيرفعه شعبه
ليكون قائدا لأمته،أما من يتزعمون الأحزاب اليوم لا يملك أحدا منهم صفة القيادة
ولا الزعامة ولا أفكار التغيير فكل حزب من هؤلاء يُريد للصفوة من حزبه (الأسياد)
كل شيء بينما يكون الشعب العبيد الذين يصعدون على أكتافهم ليرتقوا إلى الحكم ولنا
في المجلس التأسيس المثال الصارخ ،فعند الانتخابات كانوا ثوار أحرارا وعدوا بأن
يحملوا كلمة الشعب والتغيير على أعلى عواتقهم ولما وصلوا الحكم اتبعوا ما تفرضه
أحزابهم عليهم وبالتالي ما يُمليه الغرب أو الذين يُمولون تلك الأحزاب .
والصراع اليوم بين الحزب الدستوري الذي حكم
تونس قبل استقلالها ليتهيأ لاستكمال مشروع الاستعمار الثقافي والاقتصادي الذي بني
على ضرب أعظم مقومات الشعب وهي الهوية والنمو الاقتصادي.
فالهوية من تصنع اللحمة والشعور بالانتماء
إلى أمة وليس إلى حزب.
والاقتصاد من يصنع استقلال القرار .
ويتمثل الطرف الثاني في ما كان يجب أن يكون
تلك الهوية المنشودة وذلك الفتح الاقتصادي الذي سيحررنا في حركة النهضة التي ترفع
شعار الإسلام ظاهرا أما باطنا ها هي إلا طائفية مقيتة لا تقبل فيها إلا العبيد لأن
المرجع الذي يحتكمون إليه هو نظام الحزب وليس نظام الله.
نظام الله يقبل كل من قال لا اله إلا الله .
أما نظام الحزب لا يقبل إلا الإذعان لقائد
الحزب وجماعته المفضلة ومن خرج عن طاعتهما ولو في معصية الله يُنبذ من الحزب.
وستكون النتيجة إذا فاز الحزب الدستوي سيكون
الحكم لحزب فرنسا.
وإذا فازت النهضة سيكون الحكم لبني أمية بلا
ريب .
وبنوا أمية لا يقفون عند حدود
ما أنزل الله بل يتلاعبون بالدين ليجعلوه مُطابقا لمصالحهم ولو كان ضد الشريعة فهم
من هدم الكعبة وحرموا على الناس الحج إليها وساقوهم للحج في جامع بنوه بأنفسهم
وقدسوه بأنفسهم ليبقى حكمهم.
وفي وجود الحزبين في الساحة
سيعمل الحزب الذي سيُهزم على إفشال الحزب الآخر وبضرب الاقتصاد وبالتالي ضرب الشعب
والبلاد.
فما هو الحــــــــــــــــــــــــــــــل؟
لا يشك أحدا اليوم في أن كل الشعوب الإسلامية
تتوق إلى الإسلام بعد طول العناء والاضطهاد من الداخل والخارج، إذا أن الإسلام
مطلب لا بدا منه. ولكن السؤال أي إسلام هذا الذي سيُرضي جميع الشعوب الإسلامية؟
كان على حركة النهضة أن تكون الجامعة التي
ينضوي تحت لوائها جميع الحركات الإسلامية في العالم وبشيء هو أيسر وأحب لكل مؤمن
على الأرض ألا وهو النظام الذي جاء به محمد
رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام زمن ظهوره حيث لا شريك له يُمكن أن يُتبع.
وفي زمنه لم تكن الطائفية قد وجدت ولا أرباب
المذاهب قد وجدوا بحيث تكون الأمة واحدة بمحمد والقرآن فقط.
وإن تشبث حركة النهضة بمنهج السلفية وضربها
عرض الحائط بمنهاج رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام لم يجعلها إلا لملة دون
أخرى ولذا نجد أحزابا تقول مثلها بالإسلام وعلى منهجها وهي ضدها لأن الأسوة ليست
محمد الذي نظامه في القرآن بل هو شخص آخر يخطئ ويُصيب .كما نجد أحزابا أخرى تنادي
بالإسلام على منهج آخر ولن يستقر الأمر للإسلام في وجود أحزاب إسلامية متعددة
المرجعيات لأنه إذا قام حزبا قامت ضده تلك الأحزاب الأخرى وليس من أجل الله ودينه
بل من أجل السلطة شعار أي حزب ديني أو
غيره.
وبالتالي ستكون فتنة وتقاتل وإعلان جهاد وتعلوا
الله أكبر ليُقتل بها المسلمون.
أليس كل المسلمين ينتظرون خلافة على منهاج
النبوة ؟
فهذا هو منهاج النبوة أن تُحرم الطائفية
والانتساب لغير الإسلام مهما كانت المسميات ولو باسم رسول الله محمد عليه وآله
الصلاة والسلام .
وبهذا وحده سينجح الإسلام وتنتهي الفتنة التي
نرى نيرانها قد انبسجت في ليبيا وما تلبث إلا أن تصل تونس إن لم يُعالج بهذا
الأمر.
محمد علام الدين العسكري.القصرين.تونس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق