تفسير، ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا في القرآن يعني من عرف إليه سبيلا والبيت بيت المقدس.
كل من يعتقد أن الإسلام فرض نفس الحج الذي كان يأديه العرب في الجاهلية فقد أكد أن رسالة الإسلام رسالة وضعية لم يؤمن رسولها بما أنزل الله من قبله ،الله فرض على المسلمين كل ما فرض على المؤمنين من قبلهم وما بدل الذين من قبلهم بهم إلا لأنهم تركوا أهم ما تأتي به أي رسالة أنزلها وهو (عبادة الله)
التي لا تكتمل بكل أركانها إلا في الحج ،وكان على المسلمين لإقامت شعائر الله في الأرض المقدسة كأول عمل يجب القيام به لأنه بدون عبادة الله لا يمكن لأمة أن تكون مؤمنة توحد الله.
كما لا نجد رسولا أو نبيا يُمكن أن يحج إلى غير الأرض المقدسة التي هدى الله إليها كل الأنبياء والمرسلين وأمر كل الأمم بالخروج من عبادة أصنامهم إلى عبادة الله مهما بعدت الأرض المقدسة ولنا مثالا في بني إسرائيل الذين خرجوا من مصر إلى الأرض المقدسة في مسيرة دامت ثلاثة أشهر وصلوا فيها على أبواب الأرض المقدسة التي تشمل مساحة صغيرة بين جبلين فيها شعائر الحج في الإسلام ،ولما رفض بنوا إسرائيل الدخول إليها خوفا من سكانها أباد الله كل الجيل الذي لم ينشأ في الإيمان.
والله أرسل إلى العرب نذيرا وليس هاديا وهذا يُبين لنا أنهم كفروا برسالته ولم يهتدوا إلى الله في الأرض المقدسة أرض صراط المعراج الصراط المستقيم ،وبما أن رسول الله محمد عليه وآله الصلاة والسلام كان نذيرا للعالمين فمن الطبيعي أن يكفر بالعالم بعبادة الله في الأرض المقدسة وبهذا لا يمكن أت تدعي أمة أنها تعرف مكان الأرض المقدسة أو تعبد الله ،وأكد القرآن أن أهل الكتاب صدوا عن الطريق إلى الله قبل الإسلام واتخذوا هيكلا غير هيكل الله الذي أمرهم الله به في الأرض المقدسة.
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ
فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.101.آل عمران.
بين الله أن بكة هو اسم بيت وليس اسم بلد كما ادعى العرب أنه يعني ( مكة ) ومكة اسم بلدة وليس اسم للكعبة ،كما بين الله أن
( بكة )بيت مبارك وهدى للعالمين ،وهذا يعني أن هذا البيت بارك الله فيه للعالمين ،كما بين الله أن هذا البيت غير معروف المكان لأن المسجد الأقصى ضاع منذ هدمه البابليون وحتى الذي اُقيم بعده لم يُقم في مكانه بل أُقيم في مدينة السيلوام أول مدينة يُذكر اسم الله عليها وأول مدينة قدست على الأرض.
وقد فسر القرآن كلمة ( مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ) في قوله،
انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلا.9.سورة الفرقان.
نرى هنا أن عدم استطاعة السبيل هو الضلال عنه وليس كما زعم العرب الذين يُزكون كفارهم منذ 1400 سنة تاركين آيات الله وراء ظهورهم كأن لم يسمعونها.
كما بين الله العظيم أن أهل الكتاب يصدون عن الطريق إلى الأرض المقدسة الذي هو الطريق إلى الله ويعلمون مكان الأرض المقدسة ويُريدونها عِوجا ،وهذا يعني أنهم اختاروا غيرها ليكون اختيارهم عِوجا لقوله،قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ،قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ.
كما حذر الله العرب من اتباع أهل الكتاب وإلا سيكفرون مثلهم بعبادة الله في الأرض المقدسة لقوله ،يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ.
بين الله أن ايمان العرب مُحدد بوجود رسولهم لقوله (وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ) كما بين أن الإعتصام بالله وهو عبادة الله في الأرض المقدسة مُرتبط بصراط المعراج ،الصراط المستقيم الذي أكد الله أن العرب انحرفوا عليه ولم يهتدوا إليه لقوله ،
وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ
وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِم مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ
حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ.77.المؤمنون.
وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ.66.سورة يـــــــــس.
ولذلك يسأل المسلمون الله أن يهديهم إلى الصراط المستقيم منذ 1400 سنة ولا يُسأل الله أمرا موجودا بل مفقودا.
الباحث التونسي محمد علام الدين العسكري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق