كيف نعتصم بالله وحده ومعنى حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض؟؟؟
عَصَمَ إِلَيْهِ : اِعْتَصَمَ بِهِ ، اِلْتَجَأَ إِلَيْهِ ،ع ص م : العِصْمَةُ المنع يقال عَصَمَهُ الطعام أي منعه من الجوع و العِصْمَةُ أيضا الحفظ وقد عَصَمَهُ يَعْصِمه بالكسر عِصْمةً فانْعَصَمَ و اعْتَصَمَ بالله أي امتنع بلطفه من المعصية وقوله تعالى { لا عاصم اليوم من أمر الله } أي لا مانع يُمكن أن يعصم ظالما من العقاب.عَصَمَ إِليه عَصَمَ ِ عَصْماً : لَجَأَ لرُكن يعصمه من أي حدث يخافه،و عَصَمَ اللهُ فلاناً من الشَّرِّ أَو الخطإِ ، عِصْمَةً : حَفِظَهُ ووقاهُ ومَنَعَهُ .
فكيف نعتصم بالله وهو في العرش ونحن على الأرض السابعة السُفلى ؟؟؟
جاء في حديث رسول الله محمد عليه وآله الصلاة والسلام ،
إنَّ اللهَ ضرب مَثَلًا صراطًا مستقيمًا ، على كَنَفَيِ الصراطِ زُورَانِ لهما أبوابٌ مُفَتَّحَةٌ ، على الأبوابِ سُتُورٌ ، وداعٍ يَدْعُو على رأسِ الصراطِ ، وداعٍ يَدْعُو فوقَه ، وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ، ويَهْدِي مَن يشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ،والأبوابُ التي على كَنَفَيِ الصراطِ حدودُ اللهِ ، فلا يقعُ أحدٌ في حدودِ اللهِ حتى يَكْشِفَ السِّتْرَ ، والذي يَدْعُو من فوقِه واعظُ ربِّه،الراوي : النواس بن سمعان | المحدث : الترمذي | المصدر : سنن الترمذي
الصفحة أو الرقم: 2859.
من هذا الحديث نعلم أن هناك على الأرض صراط الله المستقيم وهو صراط المعراج ،وهو في الأرض المقدسة ،كما نعلم أن هناك على كنف الأرض المقدسة ( الكَنَفُ : جانب الشيء )
أي على جانبها زوران كما جاء في الحديث ،والزور هو،
زَوَر: ( اسم )
مصدر زَوِرَ
زَوَرُ الشَّمْسِ : مَيْلُها
زَوَرُ الطَّائِشِ : طَيْشُهُ
زَوَرُ الصَّدْرِ : اِعْوِجاحُهُ
زَوَرُ العَيْنِ : أَيِ النَّظَرُ بِمُؤْخِرِهَا
الزَّوَرُ : النظر بمُؤْخِر العَيْن.
وهذا يعني أن هناك موقعين استعملا زورا للتضليل على الأصل وهو الأرض المقدسة ،وفي الواقع هما الحج إلى حول الكعبة الذي ما قدسه الله ،والحج إلى الكعبة الشامية ( فلسطين ) التي ما قدسها الله وأمر رسول الله محمد عليه وآله الصلاة والسلام بهدمها ولم يهدمها الصحابة ولا الذين ملكوا إدارة الإسلام بعدهم.وذلك لقوله،والأبوابُ التي على كَنَفَيِ الصراطِ حدودُ اللهِ ، فلا يقعُ أحدٌ في حدودِ اللهِ حتى يَكْشِفَ السِّتْرَ ،
وهذا تنبيه للناس أن لا يقعوا في حدود الله لقوله
( فلا يقعُ أحدٌ في حدودِ اللهِ حتى يَكْشِفَ السِّتْرَ ، )
وقوله حتى يكشف الستر يعني حتى يظهر زيف الزوران بكشف الهيكل .
والحج لغير الله شرك بالله وقد أخبر القرآن عن هذا الأمر فقال،
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ
الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ
فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ
مِن دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَل لَّمْ نَكُن نَّدْعُو مِن قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ
ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ
ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ.77.سورة غافر.
فالحج لا يكون إلا لله والله بين أنه في الأرض المقدسة على صراط المعراج ،الصراط المستقيم.
إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ.57.سورة هود.
وقد حذر الله المسلمون من التهلكة إن أعرضوا عن سبيل الله وأنفقوا في غير سبيله ( الحجاز وفلسطين) فقال،
وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلاَ تَحْلِقُواْ رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ.196.سورة البقرة.
فأي تهلكة في النفقة يُمكن أن يلقاها المنفُق غير التي تكون في غير سبيل الله ،الطريق إليه في الأرض المقدسة والذي بينه الله في سبيل كل المرسلين ،إبراهيم الخليل عليه وآله الصلاة والسلام قال ،
وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِي،رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ،
فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ.101سورة الصافات.
رسول الله موسى وهارون عليهما وآلهما الصلاة والسلام،
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ،وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ،وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ،وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ،وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ.118.سورة الصافات.
رسول الله محمد عليه وآله الصلاة والسلام ،
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.1.سورة الإسراء.
ومن هنا نعلم أن اللإعتصام بالله هو الهروب إليه والإحتماء به في أرضه المقدسة التي لا ينقطع مدده فيها أبدا،وذلك تفسيرا لمعنى قوله تبارك وتعالى ،
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.102.آل عمران.
والصد عن سبيل الله هو الصد عن الأرض المقدسة وهذا يعني أن أهل الكتاب ليسوا في الأرض المقدسة كما يدعون ،وذلك هو معنى ( تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنتُمْ شُهَدَاء وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ).
وجاء في حديث الإمام علي عليه وآله الصلاة والسلام ما يُثبت أن العرب وأهل الكتاب صدوا عن سبيل الله إلى الأرض المقدسة قِبلة الإسراء ،قِبلة المغرب التي سعى في خرابها أهل الكتاب والعرب،
عن عبدِ اللهِ بنِ زريرٍ الغَافِقِيِّ ، قالَ لي عبدُ الملكِ بنُ مَرْوَانَ : لقد علمتُ ما حمَلَكَ على حبِّ أبِي تُرَابٍ إلا أنَّكَ أعرابيٌّ جافٍ ، فقلتُ :
واللهِ لقدْ جمعْتُ القرآنَ من قبلِ أن يجْمَعَ أبواكَ ، ولقدْ علَّمَني منهُ عليٌّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنهُ سورتَينِ علَّمَهُما إيَّاهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مَا علِمْتَهُمَا أنتَ ولا أبوكَ اللهمَّ إنَّا نسْتَعينُكَ فذَكَرَهُ إلى منْ يكْفُرُكَ [ يفْجُرُك ] اللهمَّ إنَّا نعبدُكَ ولكَ نصلِّي ونسجُدْ فذكَرَهُ إلى مُلْحَقٌ ، اللهمَّ عذِّبْ كَفَرَةَ أهلِ الكتابِ والمشركينَ الذين يَصُدُّونَ عن سبيلِكَ ويجْحَدُونَ آياتِكَ ويكذِّبُونَ رُسُلَكَ ويتَعدَّوْنَ حُدُودَكَ ويَدْعُونَ معَكَ إلهًا آخرَ لا إلهَ إلا أنتَ تبَارَكتَ وتعَالَيتَ عمَّا يقولُ الظالمونَ علوًّا كبيرًا
الراوي : علي بن أبي طالب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : نتائج الأفكار
الصفحة أو الرقم: 2/160.
وفي الإعتصام بالله نعتصم بالصراط ،صراط المعراج الذي تتنزل عبره الملائكة والروح إلى الأرض ويُبلغنا الله كلمته عبر تابوت العهد ،التابوت المقدس وبهذا نضمن أن الله لن يتركنا لأحد غيره ،إذ تستمر رعايته لنا بجند السماء التي لا تغادر أرضه المقدسة أبدا لكونها فيها البيت المعمور الذي تركه الضالون العرب والمغضوب عليهم أهل الكتاب وبذلك تركهم الله لأنفسهم
فلا ترى بينهم إلا الدماء والعداوة والخراب.
الباحث التونسي محمد علام الدين العسكري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق